صلى الله عليه وآله بنفسه أخفى نفسه بين شجرات، فأمر به فربطت يداه إلى عنقه، ثم قرنه إلى راحلته، فلم يركب سهيل خطوة حتى قدم المدينة (1).
قال الواقدي: فحدثني إسحاق بن حازم بن عبد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: لقى رسول الله صلى الله عليه وآله أسامة بن زيد، ورسول الله صلى الله عليه وآله على ناقته القصوى، فأجلسه بين يديه وسهيل بن عمرو مجبوب، ويداه إلى عنقه، فلما نظر إلى سهيل قالوا: يا رسول الله، أبو يزيد قال: نعم، هذا الذي كان يطعم الخبز بمكة.
وقال البلاذري: قال أسامة - وهو يومئذ غلام -: يا رسول الله، هذا الذي كان يطعم الناس بمكة السريد - يعنى الثريد (2).
قلت هذه لثغة مقلوبة، لان الألثغ يبدل السين ثاء، وهذا أبدل الثاء سينا، ومن الناس من يرويها (هذا الذي كان يطعم الناس بمكة الشريد) بالشين المعجمة.
قال البلاذري: وحدثني مصعب بن عبد الله الزبيري، عن أشياخه أن أسامة رأى سهيلا يومئذ، فقال: يا رسول الله هذا الذي كان يطعم السريد بمكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (هذا أبو يزيد الذي يطعم الطعام، ولكنه سعى في إطفاء نور الله، فأمكن الله منه).
قال: وفيه يقول أمية بن أبي الصلت الثقفي:
يا با يزيد رأيت سيبك واسعا * وسماء جودك تستهل فتمطر.