شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٨٢
سيده، فقام موليا ذليلا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال، حتى رماه الله بالعدسة (1) فقتلته (2).
ولقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا وما يدفنانه، حتى أنتن في بيته - وكانت قريش تتقى العدسة وعدواها، كما يتقى الناس الطاعون - حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما ألا تستحيان أن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه قالا إنا نخشى هذه القرحة، قال:
فانطلقا وأنا معكما، فوالله ما غسلوه إلا قذفا عليه بالماء من بعيد، ما يمسونه، وأخرجوه فألقوه بأعلى مكة إلى كنان هناك، وقذفوا عليه بالحجارة حتى واروه.
قال محمد بن إسحاق: فحضر العباس بدرا، فأسر فيمن أسر، وكان الذي أسره أبو اليسر كعب بن عمرو أحد بنى سلمة، فلما أمسى القوم والأسارى محبوسون في الوثاق، وبات رسول الله صلى الله عليه وآله تلك الليلة ساهرا، فقال له أصحابه ما لك لا تنام يا رسول الله قال: (سمعت أنين العباس من وثاقه)، فقاموا إليه فأطلقوه، فنام رسول الله صلى الله عليه وآله (3).
قال: وروى ابن عباس رحمه الله، قال: كان أبو اليسر رجلا مجموعا، وكان العباس طويلا جسيما، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا اليسر، كيف أسرت العباس قال:
يا رسول الله، لقد أعانني عليه رجل ما رأيته من قبل، من هيئته كذا، قال صلى الله عليه وآله: (لقد أعانك عليه ملك كريم).
قال محمد بن إسحاق: قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله في أول الوقعة، فنهى أن يقتل أحد من بني هاشم، قال: حدثني بذلك الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة حليف بنى زهرة، قال:
وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس، عن بعض أهله، عن عبد الله بن عباس رحمه الله،

(١) العدسة، قال أبو ذر: (هي قرحة قاتلة كالطاعون، وقد عدس الرجل، إذا أصابه ذلك).
(٢) الخبر إلى هنا في سيرة ابن هشام ٢:، ٢٨٩، ٢٩١.
(٣) تاريخ الطبري ٢: ٤٦٢ (طبعة المعارف)، والأغاني 4: 205، 206 (طبعة دار الكتب).
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213