قال: وحدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان الملك يتصور في صورة من يعرفه المسلمون من الناس (١) ليثبتهم، فيقول إني قد دنوت من المشركين، فسمعتهم يقولون لو حملونا علينا ما ثبتنا لهم، وليسوا بشئ، فاحملوا عليهم، وذلك قول الله عز وجل ﴿إذ يوحى ربك إلى الملائكة إني معكم فثبتوا الذين آمنوا...﴾ (2) الآية (3).
قال الواقدي: وحدثني موسى بن محمد، عن أبيه، قال: كان السائب بن أبي حبيش الأسدي يحدث في زمن عمر بن الخطاب، فيقول والله ما أسرني يوم بدر أحد من الناس، فيقال فمن فيقول لما انهزمت قريش انهزمت معها فيدركني رجل أبيض طويل، على فرس أبلق بين السماء والأرض، فأوثقني رباطا وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا، وكان عبد الرحمن ينادى في العسكر من أسر هذا فليس أحد يزعم أنه أسرني، حتى انتهى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله يا بن أبي حبيش، من أسرك قلت لا أعرفه، وكرهت أن أخبره بالذي رأيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أسره ملك من الملائكة كريم إذهب يا بن عوف بأسيرك)، فذهب بي عبد الرحمن قال السائب: وما زالت تلك الكلمة أحفظها، وتأخر إسلامي حتى كان من إسلامي ما كان (4).
قال الواقدي: وكان حكيم بن حزام، يقول لقد رأيتنا يوم بدر، وقد وقع بوادي خلص بجاد من السماء قد سد الأفق - قال: ووادي خلص ناحية الرويثة - قال: فإذا الوادي يسيل نملا، فوقع في نفسي أن هذا شئ من السماء أيد به محمد، فما كانت إلا الهزيمة، وهي الملائكة (5).