قتال أو سلم أو خروج أو إقامة وعلى الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه، وأشد ما أخذه على نبي من أنبيائه، من عهد وذمة.
وختم الكتاب، ورجع عثمان بن حنيف حتى دخل دار الامارة وقال لأصحابه:
الحقوا رحمكم الله بأهلكم، وضعوا سلاحكم، وداووا جرحاكم، فمكثوا كذلك أياما.
ثم إن طلحة والزبير قالا: إن قدم على ونحن على هذه الحال من القلة والضعف ليأخذن بأعناقنا فأجمعا على مراسلة القبائل واستمالة العرب، فأرسلا إلى وجوه الناس وأهل الرياسة والشرف، يدعوانهم إلى الطلب بدم عثمان، وخلع على، وإخراج ابن حنيف من البصرة. فبايعهم على ذلك الأزد وضبة وقيس بن عيلان كلها إلا الرجل والرجلين من القبيلة، كرهوا أمرهم فتواروا عنهم، وأرسلوا إلى هلال بن وكيع التميمي فلم يأتهم فجاءه طلحة والزبير إلى داره، فتوارى عنهما، فقالت له أمة: ما رأيت مثلك!
أتاك شيخا قريش فتواريت عنهما! فلم تزل به حتى ظهر لهما، وبايعهما ومعه بنو عمرو ابن تميم كلهم وبنو حنظلة إلا بنى يربوع، فإن عامتهم كانوا شيعة علي عليه السلام وبايعهم بنو دارم كلهم إلا نفرا من بنى مجاشع ذوي دين وفضل.
فلما استوسق لطلحة والزبير أمرهما، خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر، ومعهما أصحابهما، قد ألبسوهم الدروع، وظاهروا فوقها بالثياب، فانتهوا إلى المسجد وقت صلاة الفجر، وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه، وأقيمت الصلاة، فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة والزبير، وقدموا الزبير فجاءت السبابجة، وهم الشرط حرس بيت المال. فأخرجوا الزبير، وقدموا عثمان، فغلبهم أصحاب الزبير، فقدموا الزبير وأخروا عثمان، فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع، وصاح بهم أهل المسجد:
ألا تتقون أصحاب محمد وقد طلعت الشمس! فغلب الزبير فصلى بالناس، فلما انصرف من