وقد قال هو عليه السلام لمعاوية: " فأما طلبك قتلة عثمان، فادخل في الطاعة، وحاكم القوم إلى، أحملك وإياهم على كتاب الله وسنة رسوله ".
قال أصحابنا المعتزلة رحمهم الله: وهذا عين الحق، ومحض الصواب، لأنه يجب دخول الناس في طاعة الامام، ثم تقع المحاكمة إليه، فإن حكم بالحق استديمت إمامته، وإن حكم بالجور انتقض أمره، وتعين خلعه.
فإن قلت: فما معنى قوله: " وسأمسك الامر ما استمسك، فإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي ".
قلت: ليس معناه: وسأصبر عن معاقبة هؤلاء ما أمكن الصبر، فإذا لم أجد بدا عاقبتهم، ولكنه كلام قاله أول مسير طلحة والزبير إلى البصرة، فإنه حينئذ أشار عليه قوم بمعاقبة المجلبين، فاعتذر بما قد ذكر، ثم قال: " وسأمسك الامر ما استمسك " أي أمسك نفسي عن محاربة هؤلاء الناكثين للبيعة ما أمكنني، وأدفع الأيام بمراسلتهم وتخويفهم وإنذارهم، وأجتهد في ردهم إلى الطاعة بالترغيب والترهيب، فإذا لم أجد بدا من الحرب، فآخر الدواء الكي، أي الحرب، لأنها الغاية التي ينتهى أمر العصاة إليها.