الأموال بالأبواب والأقفال، فلسنا نطمع في استخراجها إلا بما سمعت. فقال: يا هذا أمسك عليك، فإن ذا الوجهين خليق ألا يكون وجيها عند الله غدا.
* * * ثم أمر عليه السلام بأن يعقل ما قاله، ويعلم باطن خطابه، وإنما رمز بباطن هذا الكلام إلى الرؤساء يوم الجمل، لأنهم حاولوا أن يشفوا غيظهم بإهلاكه وإهلاك غيره من المسلمين عروة (1) عليه السلام بأمر هم فعلوه، وهو التأليب على عثمان وحصره، واستنجحوا حاجتهم إلى أهل البصرة بإظهار البدعة والفتنة، ولقوا الناس بوجهين ولسانين، لأنهم بايعوه وأظهروا الرضا به، ثم دبوا له الخمر (2) فجعل ذنوبهم هذه مماثلة للشرك بالله سبحانه، في أنها لا تغفر إلا بالتوبة، وهذا هو معنى قوله: " أعقل ذلك "، فإن المثل دليل على شبهه، وروى " فإن المثل " واحد الأمثال، أي هذا الحكم بعدم المغفرة لمن أتى شيئا من هذه الأشياء عام، والواحد منها دليل على ما يماثله ويشابهه.
فإن قلت: فهذا تصريح بمذهب الإمامية في طلحة والزبير وعائشة.
قلت: كلا فإن هذه الخطبة خطب بها وهو سائر إلى البصرة، ولم تقع الحرب إلا بعد تعدد الكبائر، ورمز فيها إلى المذكورين، وقال: " إن لم يتوبوا "، وقد ثبت أنهم تابوا، والاخبار عنهم بالتوبة كثيرة مستفيضة.
ثم أراد عليه السلام أن يومئ إلى ذكر النساء للحال التي كان وقع إليها من استنجاد أعدائه بامرأة، فذكر قبل ذكر النساء أنواعا من الحيوان، تمهيدا القاعدة ذكر النساء، فقال: إن البهائم همها بطونها، كالحمر والبقر والإبل والغنم، وإن السباع همها العدوان