وكما تدين تدان، أي كما تجازى غيرك تجازى بفعلك وبحسب ما عملت، ومنه قوله سبحانه: " إنا لمدينون " (1)، أي مجزيون، ومنه الديان في صفة الله تعالى.
قوله: " وكما تزرع تحصد " معنى قد قاله الناس بعده كثيرا، قال الشاعر:
إذا أنت لم تزرع وأدركت حاصدا * ندمت على التقصير في زمن البذر ومن أمثالهم: " من زرع شرا حصد ندما ".
فامهد لنفسك: أي سو ووطئ: " ولا ينبئك مثل خبير) (2) من القرآن العزيز، أي ولا يخبرك بالأمور أحد على حقائقها كالعارف بها العالم بكنهها.
* * * الأصل:
إن من عزائم الله في الذكر الحكيم، التي عليها يثيب ويعاقب ولها يرضى ويسخط، أنه لا ينفع عبدا - وإن أجهد نفسه، وأخلص فعله - أن يخرج من الدنيا لاقيا ربه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها: أن يشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته، أو يشفى غيظه بهلاك نفس، أو يعر بأمر فعله غيره، أو يستنجح حاجة إلى الناس بإظهار بدعة في دينه، أو يلقى الناس بوجهين، أو يمشى فيهم بلسانين.
أعقل ذلك، فإن المثل دليل على شبهة. إن البهائم همها بطونها، وأن السباع همها العدوان على غيرها، وإن النساء همهن زينة الحياة الدنيا والفساد فيها.
إن المؤمنين مستكينون، إن المؤمنين مشفقون، إن المؤمنين خائفون.