ثم ذكر عليه السلام شرف الاسلام، وقال: إنه مشتق من السلامة، وإنه جامع للكرامة، وإن الله قد بين حججه، أي الأدلة على صحته.
ثم بين ما هذه الأدلة، فقال: " من ظاهر علم، وباطن حكم "، أي حكمة، ف " مين " هاهنا للتبيين والتفسير، كما تقول: دفعت إليه سلاحا من سيف ورمح وسهم، ويعنى بظاهر علم وباطن حكم، والقرآن، ألا تراه كيف أتى بعده بصفات ونعوت لا تكون إلا للقرآن، من قوله: " لا تفنى عزائمه " أي آياته المحكمة، و " براهينه العازمة " أي القاطعة ولا تنقضي عجائبه، لأنه مهما تأمله الانسان استخرج منه بكفر غرائب وعجائب لم تكن عنده من قبل.
" فيه مرابيع النعم "، المرابيع الأمطار التي تجئ في أول الربيع فتكون سببا لظهور الكلأ، وكذلك تدبر القرآن سبب للنعم الدينية وحصولها.
قوله: " قد أحمى حماه، وأرعى مرعاه "، الضمير في " أحمى " يرجع إلى الله تعالى، أي قد أحمى الله حماه، أي عرضه لان يحمى، كما تقول: أقتلت الرجل، أي عرضته لان يقتل.
وأضربته، أي عرضته لان يضرب، أي قد عرض الله تعالى حمى القرآن ومحارمه لان يجتنب ومكن منها، وعرض مراعاة لان يرعى، أي مكن من الانتفاع بما فيه من الزواجر والمواعظ لأنه خاطبنا بلسان عربي مبين، ولم يقنع ببيان مالا نعلم إلا بالشرع، حتى نبه في أكثره على أدلة العقل.