فإن قلت: أتقول المعتزلة أن عليا كان يذهب إلى فسق عثمان المستوجب لأجله الخلع؟
قلت: كلا! حاش لله أن تقول المعتزلة ذلك! وإنما تقول إن عليا كان يرى أن عثمان يضعف عن تدبير الخلافة، وأن أهله غلبوا عليه، واستبدوا بالامر دونه، واستعجزه المسلمون، واستسقطوا رأيه، فصار حكمه حكم الامام إذا عمى، أو أسره العدو، فإنه ينخلع من الإمامة.
* * * ثم قال عليه السلام: " الأئمة قوام الله على خلقه "، أي يقومون بمصالحهم، وقيم المنزل: هو المدبر له.
قال: " وعرفاؤه على عباده "، جمع عريف، وهو النقيب والرئيس، يقال: عرف فلان بالضم عرافة بالفتح، مثل خطب خطابة أي صار عريفا، وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت:
عرف فلان علينا سنين، يعرف عرافة بالكسر، مثل كتب يكتب كتابة.
قال: " ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه "، هذا إشارة إلى قوله تعالى: ﴿يوم ندعو كل أناس بإمامهم﴾ (1) قال المفسرون: ينادى في الموقف: يا أتباع فلان، ويا أصحاب فلان، فينادى كل قوم باسم إمامهم، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: لا يدخل الجنة يومئذ إلا من كان في الدنيا عارفا بإمامه، ومن يعرفه إمامه في الآخرة، فإن الأئمة تعرف أتباعها يوم القيامة، وإن لم يكونوا رأوهم في الدنيا، كما أن النبي صلى الله عليه وآله يشهد (2) للمسلمين وعليهم، وإن لم يكن رأى أكثرهم، قال سبحانه:
(فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)، (3) وجاء في الخبر