شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٨٦
معاوية اليوم لقد، غظتموه أمس، وإن وترتموه في الاسلام، فلقد وترتموه في الشرك، وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدين، فجدوا اليوم جدا تنسونه به ما كان أمس، وجدوا غدا جدا تنسونه به ما كان اليوم، فأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبريل، وعن يساره ميكائيل، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب. فأما التمر فإنا لم نغرسه، ولكن غلبنا عليه من غرسه، وأما الطفيشل، فلو كان طعامنا لسمينا به كما سميت قريش بسخينة، ثم قال سعد في ذلك:
يا بن هند دع التوثب في الحرب * إذا نحن بالجياد سرينا (1) نحن من قد علمت فادن إذا شئت بمن شئت في العجاج إلينا (2) إن تشأ فارس له فارس منا وإن شئت باللفيف التقينا أي هذين ما أردت فخذه * ليس منا وليس منك الهوينى ثم لا نسلخ العجاجة حتى * تنجلي حربنا، لنا أو علينا (3) ليت ما تطلب الغداة أتانا * أنعم الله بالشهادة عينا فلما أتى شعره وكلامه معاوية دعا عمرو بن العاص، فقال: ما ترى في شتم الأنصار؟
قال: أرى أن توعدهم ولا تشتمهم (4). ما عسى أن تقول لهم إذا أردت ذمهم! فذم أبدانهم ولا تذم أحسابهم. (5 فقال: إن قيس بن سعد يقوم كل يوم خطيبا 5)، وأظنه والله يفنينا غدا إن لم يحبسه عنا حابس الفيل، فما الرأي؟ قال: الصبر والتوكل، وأرسل

(1) صفين: " في البلاد نأينا ".
(2) بعده في صفين:
إن برزنا بالجمع نلقك في الجمع، وإن شئت محضة أسرينا فالقنا في اللفيف نلقك في الحزرج * ندعو في حربنا أبوينا (3) في صفين: " ثم لا تنزع العجاجة "، والعجاج: ما تثيره الريح من التراب، واحده عجاجة.
(4) صفين: " أرى أن توعد ولا تشتم ".
(5 - 5) صفين: " قال معاوية، إن خطيب الأنصار قيس بن سعد يقوم كل يوم خطيبا ".
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303