إلا رجوعك فيما وثقت لي به منها فارجع فيه. ثم قام فخرج في تلك الخيل، فلقيه الأشتر أمام القوم، وقد علم أنه سيلقاه، وهو يرتجز ويقول:
يا ليت شعري كيف لي بعمرو * ذاك الذي أوجبت فيه نذري!
ذاك الذي أطلبه بوتري * ذاك الذي فيه شفاء صدري من بائعي يوما بكل عمري * يعلى به عند اللقاء قدري أجعله فيه طعام النسر * أو لا فربي عاذري بعذري فلما سمع عمرو هذا الرجز فشل (1) وجبن، واستحيا أن يرجع، وأقبل نحو الصوت، وقال:
يا ليت شعري كيف لي بمالك؟ * كم كاهل جببته وحارك (2) وفارس قتلته وفاتك (3) * ومقدم آب بوجه حالك * ما زلت دهري عرضة المهالك (4) * فغشيه الأشتر بالرمح، فراغ عمرو عنه، فلم يصنع الرمح شيئا، ولوى عمرو عنان فرسه، وجعل يده على وجهه، وجعل يرجع راكضا نحو عسكره فنادى غلام من يحصب:
يا عمرو عليك العفا ما هبت الصبا، يا آل حمير [إنا لكم ما كان معكم] (5)، هاتوا اللواء (6)، فأخذه وتقدم، وكان غلاما حدثا، فقال: