شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٦٤
وفى المثل: " الطعن يظأر " أي يعطف على الصلح (1)، وظأرت الناقة أيضا إذا عطفت على البو، يتعدى ولا يتعدى، فهي ظؤور.
والوعوعة: الصوت، والوعواع مثله.
وقوله: " هيهات أن أطلع بكم سرار العدل "، يفسره الناس بمعنى هيهات أن أطلعكم مضيئين ومنورين لسرار العدل. والسرار: آخر ليلة في الشهر، وتكون مظلمة ويمكن عندي أن يفسر على وجه آخر، وهو أن يكون السرار هاهنا بمعنى السرور، وهي خطوط مضيئة في الجبهة، وقد نص أهل اللغة على أنه يجوز سرر وسرار، وقالوا: ويجمع سرار على أسرة، مثل حمار وأحمرة، قال عنترة:
بزجاجة صفراء ذات أسرة * قرنت بأزهر في الشمال مفدم (2) يصف الكأس، ويقول: إن فيها خطوطا بيضا، وهي زجاج أصفر. ويقولون:
برقت أسرة وجهه وأسارير وجهه، فيكون معنى كلامه عليه السلام: هيهات أن تلمع بكم لوامع العدل، وتنجلي أوضاحه، ويبرق وجهه. ويمكن فيه أيضا وجه آخر وهو أن ينصب " سرار " هاهنا على الظرفية، ويكون التقدير: هيهات أن أطلع بكم الحق زمان استسرار العدل واستخفائه، فيكون قد حذف المفعول، وحذفه كثير.
ثم ذكر أن الحروب التي كانت منه لم تكن طلبا للملك، ولا منافسة على الدنيا، ولكن لتقام حدود الله على وجهها، ويجرى أمر الشريعة والرعية على ما كان يجرى عليه أيام النبوة.
ثم ذكر أنه سبق المسلمين كلهم إلى التوحيد والمعرفة، ولم يسبقه بالصلاة أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وآله، وهكذا روى جمهور المحدثين، وقد تقدم ذكر ذلك.

(1) في اللسان: " الطعن يظأر، أي يعطف على الصلح، تقول: إذا خافك أن تطعنه فتقتله: عطفه ذلك عليك، فجاد. بماله للخوف ".
(2) من المعلقة - بشرح التبريزي 191. وذات أسرة، ذات طرائق وخطوط.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303