إذا أخرجوك منه؟ قلت: آخذ سيفي فأضربهم به. فقال: ألا أدلك على خير من ذلك؟
انسق معهم حيث ساقوك، وتسمع وتطيع. فسمعت وأطعت وأنا أسمع وأطيع، والله ليلقين الله عثمان وهو آثم في جنبي.
* * * واعلم أن أصحابنا رحمهم الله قد رووا أخبارا كثيرة معناها أنه أخرج إلى الربذة باختياره.
وحكى قاضى القضاة رحمه الله في " المغني " عن شيخنا أبى على رحمه الله، أن الناس اختلفوا في أمر أبي ذر، وأن الرواية وردت بأنه قيل له: أعثمان أنزلك الربذة؟ فقال:
لا بل أنا اخترت لنفسي ذلك.
وروى أبو علي أيضا أن معاوية كتب يشكوه وهو بالشام، فكتب إليه عثمان: أن صر إلى المدينة. فلما صار إليها، قال له: ما أخرجك إلى الشام؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " إذا بلغت عمارة المدينة موضع كذا فأخرج منها "، فلذلك خرجت. فقال: أي البلاد أحب إليك بعد الشام؟ قال الربذة، فقال: صر إليها.
وروى الشيخ أبو علي أيضا عن زيد بن وهب، قال: قلت لأبي ذر وهو بالربذة:
ما أنزلك هذا المنزل؟ قال: أخبرك أنى كنت بالشام، فذكرت قوله تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها﴾ (1). فقال لي معاوية: هذه نزلت في أهل الكتاب، فقلت: فيهم وفينا. فكتب معاوية إلى عثمان في ذلك، فكتب إلى: أن أقدم، فقدمت عليه، فانثال الناس إلى كأنهم لم يعرفوني، فشكوت ذلك إلى عثمان، فخيرني وقال:
انزل حيث شئت، فنزلت الربذة.
ونحن نقول: هذه الأخبار وإن كانت قد رويت، لكنها ليست في الاشتهار