ما ندري، فقال عثمان: ادعوا لي عليا، فلما جاء قال عثمان لأبي ذر: أقصص عليه حديثك في بنى أبى العاص، فأعاده، فقال عثمان لعلى عليه السلام: أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه! قال: لا، وقد صدق أبو ذر. فقال كيف عرفت صدقه؟ قال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: " ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".
فقال من حضر: أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله فقال أبو ذر: أحدثكم أنى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتتهمونني!
ما كنت أظن أنى أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم!
وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى، الأسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت وفعلت! فقال أبو ذر:
نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني! قال عثمان: كذبت، ولكنك تريد الفتنة وتحبها، قد أنغلت (1) الشام علينا، فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام. فقال عثمان: مالك وذلك لا أم لك! قال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر. فغضب عثمان، وقال: أشيروا على في هذا الشيخ الكذاب، أما أن أضربه، أو أحبسه، أو أقتله. فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام. فتكلم علي عليه السلام - وكان حاضرا - فقال: أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون: (فإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب (2))، فأجابه عثمان بجواب غليظ، وأجابه علي عليه السلام بمثله، ولم نذكر الجوابين تذمما منهما.
قال الواقدي: ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر، أو ويكلموه. فمكث