ونظراؤك من بنى عبد مناف، ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنا ما أصبناه من المال في أيام عثمان، وأن تقتل قتلته، وإنا إن خفناك تركناك، فالتحقنا بالشام.
فقال: أما ما ذكرتم من وترى إياكم فالحق وتركم، وأما وضعي عنكم ما أصبتم فليس لي أن أضع حق الله عنكم ولا عن غيركم، وأما قتلى قتلة عثمان فلو لزمني قتلهم اليوم لقتلتهم أمس، ولكن لكم على إن خفتموني أن أؤمنكم وإن خفتكم أن أسيركم.
فقام الوليد إلى أصحابه فحدثهم، وافترقوا على إظهار العداوة وإشاعة الخلاف فلما ظهر ذلك من أمرهم، قال عمار بن ياسر لأصحابه: قوموا بنا إلى هؤلاء النفر من إخوانكم، فإنه قد بلغنا عنهم ورأينا منهم ما نكره من الخلاف، والطعن على إمامهم، وقد دخل أهل الجفاء بينهم وبين الزبير والأعسر العاق - يعنى طلحة.
فقام أبو الهيثم وعمار وأبو أيوب وسهل بن حنيف وجماعة معهم، فدخلوا على علي عليه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انظر في أمرك، وعاتب قومك، هذا الحي من قريش فإنهم قد نقضوا عهدك، وأخلفوا وعدك، وقد دعونا في السر إلى رفضك، هداك الله لرشدك!
وذاك لأنهم كرهوا الأسوة، وفقدوا الأثرة ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا عدوك وعظموه، وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألفا لأهل الضلالة. فرأيك!
فخرج علي عليه السلام، فدخل المسجد، وصعد المنبر مرتديا بطاق، مؤتزرا ببرد قطري، متقلدا سيفا، متوكئا على قوس، فقال:
أما بعد، فإنا نحمد الله ربنا وإلهنا وولينا، وولى النعم علينا، الذي أصبحت نعمه علينا ظاهرة وباطنة، امتنانا منه بغير حول منا ولا قوة، ليبلونا أنشكر أم نكفر، فمن شكر زاده ومن كفر عذبه، فأفضل الناس عند الله منزلة، وأقربهم من الله وسيلة، أطوعهم لامره،