الحسن عليه السلام ابنه، أشار عليه ألا يبرح عرصة المدينة، ونهاه عن المسير إلى البصرة، حتى قال له منكرا عليه إنكاره: ولا تزال تخن خنين الأمة! وقد روى ابن هلال صاحب كتاب " الغارات " أنه كلم أباه في قتال أهل البصرة بكلام أغضبه، فرماه ببيضة حديد عقرت ساقه، فعولج منها شهرين.
والغيهب: الظلمة، والجمع غياهب. وإنما قال: " بعد ما ماج غيهبها "، لأنه أراد:
بعد ما عم ضلالها فشمل، فكنى عن الضلال بالغيهب، وكنى عن العموم والشمول بالتموج، لان الظلمة إذا تموجت شملت أماكن كثيرة غير الأماكن التي تشملها لو كانت ساكنة. واشتد كلبها، أي شرها وأذاها. ويقال للقحط الشديد كلب، وكذلك للقر الشديد.
ثم قال عليه السلام: " سلوني قبل أن تفقدوني "، روى صاحب كتاب " الاستيعاب " وهو أبو عمر محمد بن عبد البر عن جماعة من الرواة والمحدثين، قالوا:
لم يقل أحد من الصحابة رضي الله عنهم: " سلوني " إلا علي بن أبي طالب. وروى شيخنا أبو جعفر الإسكافي في كتاب " نقض العثمانية عن علي بن الجعد، عن ابن شبرمة، قال:
ليس لأحد من الناس أن يقول على المنبر: " سلوني " إلا علي بن أبي طالب عليه السلام.
والفئة: الطائفة، والهاء عوض من " الياء " التي نقصت من وسطه، وأصله " فئ " مثال " فيع " لأنه من فاء، ويجمع على فئات، مثل شيات وهبات ولدات.
وناعقها: الداعي إليها، من نعيق الراعي بغنمه، وهو صوته نعق ينعق بالكسر نعيقا، ونعاقا أي صاح بها وزجرها. قال الأخطل:
فانعق بضأنك يا جرير فإنما منتك نفسك في الخلاء ضلالا (1).