وأعملهم بطاعته، وأتبعهم لسنة رسوله، وأحياهم لكتابه، ليس لأحد عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة الرسول. هذا كتاب الله بين أظهرنا، وعهد رسول الله وسيرته فينا، لا يجهل ذلك إلا جاهل عاند عن الحق، منكر، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (1).
ثم صاح بأعلى صوته أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن توليتم فإن الله لا يحب الكافرين.
ثم قال: يا معشر المهاجرين والأنصار: أتمنون على الله ورسوله بإسلامكم، بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين.
ثم قال: أنا أبو الحسن - وكان يقولها إذا غضب - ثم قال: ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تمنونها وترغبون فيها، وأصبحت تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له، فلا تغرنكم فقد حذرتموها، واستتموا نعم الله عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة الله، والذل لحكمه، جل ثناؤه، فأما هذا الفئ فليس لأحد على أحد فيه أثرة، وقد فرغ الله من قسمته، فهو مال الله، وأنتم عباد الله المسلمون، وهذا كتاب الله به أقررنا وله أسلمنا، وعهد نبينا بين أظهرنا فمن لم يرض به فليتول كيف شاء فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه.
ثم نزل عن المنبر، فصلى ركعتين، ثم بعث بعمار بن ياسر، وعبد الرحمن بن حنبل القرشي إلى طلحة والزبير، وهما في ناحية المسجد فأتياهما فدعواهما، فقاما حتى جلسا إليه عليه السلام، فقال لهما: نشدتكما الله، هل جئتماني طائعين للبيعة، ودعوتماني إليها، وأنا كاره لها! قالا: نعم فقال: غير مجبرين ولا مقسورين، فأسلمت ما لي بيعتكما وأعطيتماني عهدكما!