وهيبة جلاله في أثناء صدورهم، ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم.
ومنهم من هو في خلق الغمام الدلح، وفى عظم الجبال الشمخ، وفى قترة الظلام الأيهم. ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض السفلى، فهي كرايات بيض، قد نفذت في مخارق الهواء، وتحتها ريح هفافة تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية، قد استفرغتهم أشغال عبادته، ووصلت حقائق الايمان بينهم وبين معرفته، وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره.
قد ذاقوا حلاوة معرفته، وشربوا بالكأس الروية من محبته، وتمكنت من سويداوات قلوبهم وشيجة خيفته، فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم، ولم ينفد طول الرغبة إليه مادة تضرعهم، ولا أطلق عنهم عظيم الزلفة ربق خشوعهم، ولم يتولهم الاعجاب فيستكثروا ما سلف منهم، ولا تركت لهم استكانة الاجلال نصيبا في تعظيم حسناتهم، ولم تجر الفترات فيهم على طول دءوبهم، ولم تغض رغباتهم فيخالفوا عن رجاء ربهم، ولم تجف لطول المناجاة أسلات ألسنتهم، ولا ملكتهم الاشغال فتنقطع بهمس الجؤار إليه أصواتهم، ولم تختلف في مقاوم الطاعة مناكبهم، ولم يثنوا إلى راحة التقصير في أمره رقابهم.
ولا تعدو على عزيمة جدهم بلادة الغفلات، ولا تنتضل في هممهم خدائع الشهوات.
قد اتخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم، ويمموه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم، لا يقطعون أمد غاية عبادته، ولا يرجع بهم الاستهتار