أبوه العاص بن وائل، أحد المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وآله، والمكاشفين له بالعداوة والأذى، وفيه وفى أصحابه أنزل قوله تعالى: ﴿إنا كفيناك المستهزئين﴾ (١).
ويلقب العاص بن وائل في الاسلام بالأبتر، لأنه قال لقريش: سيموت هذا الأبتر غدا، فينقطع ذكره، يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه لم يكن له صلى الله عليه وآله ولد ذكر يعقب منه، فأنزل الله سبحانه: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ (2).
وكان عمرو أحد من يؤذى رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة، ويشتمه ويضع في طريقه الحجارة، لأنه كان صلى الله عليه وآله يخرج من منزله ليلا فيطوف بالكعبة، وكان عمرو يجعل له الحجارة في مسلكه ليعثر بها. وهو أحد القوم الذين خرجوا إلى زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرجت مهاجرة من مكة إلى المدينة، فروعوها وقرعوا هودجها بكعوب الرماح، حتى أجهضت جنينا ميتا من أبى العاص بن الربيع بعلها، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، نال منه وشق عليه مشقة شديدة ولعنهم، روى ذلك الواقدي.
وروى الواقدي أيضا وغيره من أهل الحديث أن عمرو بن العاص هجا رسول الله صلى الله عليه وآله هجاء كثيرا، كان يعلمه صبيان مكة، فينشدونه ويصيحون برسول الله إذا مر بهم، رافعين أصواتهم بذلك الهجاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلى بالحجر: (اللهم إن عمرو بن العاص هجاني، ولست بشاعر، فالعنه بعدد ما هجاني).
وروى أهل الحديث أن النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص، عهدوا إلى سلا جمل فرفعوه بينهم ووضعوه على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ساجد بفناء الكعبة، فسال عليه، فصبر ولم يرفع رأسه، وبكى في سجوده ودعا عليهم،