فجاءت ابنته فاطمة عليها السلام وهي باكية، فاحتضنت ذلك السلا فرفعته عنه فألقته وقامت على رأسه تبكي، فرفع رأسه صلى الله عليه وآله، وقال: (اللهم عليك بقريش)، قالها ثلاثا، ثم قال رافعا صوته: (إني مظلوم فانتصر)، قالها ثلاثا، ثم قام فدخل منزله، وذلك بعد وفاة عمه أبى طالب بشهرين.
ولشدة عداوة عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وآله، أرسله أهل مكة إلى النجاشي ليزهده في الدين، وليطرد عن بلاده مهاجرة الحبشة، وليقتل جعفر بن أبي طالب عنده، أن أمكنه قتله، فكان منه في أمر جعفر هناك ما هو مذكور مشهور في السير، وسنذكر بعضه.
فأما النابغة فقد ذكر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار قال: كانت النابغة أم عمرو بن العاص أمة لرجل من عنزة، فسبيت، فاشتراها عبد الله بن جدعان التيمي بمكة، فكانت بغيا، ثم أعتقها فوقع عليها أبو لهب بن عبد المطلب، وأمية بن خلف الجمحي، وهشام بن المغيرة المخزومي، وأبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل السهمي، في طهر واحد، فولدت عمرا، فادعاه كلهم، فحكمت أمه فيه فقالت: هو من العاص بن وائل، وذاك لان العاص بن وائل كان ينفق عليها كثيرا، قالوا: وكان أشبه بأبي سفيان، وفى ذلك يقول أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في عمرو بن العاص:
أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت * لنا فيك منه بينات الشمائل * * * وقال أبو عمر بن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب (1): كان اسمها سلمى، وتلقبت بالنابغة، بنت حرملة (2) من بنى جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار،