قال الزبير: وقد كان مالا أبا بكر وعمر على نقض أمر سعد وإفساد حاله، رجلان من الأنصار ممن شهد بدرا، وهما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي.
قلت: كان هذان الرجلان ذوي حب لأبي بكر في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، واتفق مع ذلك بغض وشحناء، كانت بينهما وبين سعد بن عبادة، ولها سبب مذكور في كتاب القبائل لأبي عبيدة معمر بن المثنى فليطلب من هناك.
وعويم بن ساعدة هو القائل لما نصب الأنصار سعدا: يا معشر الخزرج، إن كان هذا الامر فيكم دون قريش فعرفونا ذلك، وبرهنوا حتى نبايعكم عليه، وإن كان لهم دونكم، فسلموا إليهم، فوالله ما هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفنا أن أبا بكر خليفة حين أمره أن يصلى بالناس فشتمه الأنصار وأخرجوه، فانطلق مسرعا حتى التحق بأبي بكر، فشحذ عزمه على طلب الخلافة.
ذكر هذا بعينه الزبير بن بكار في الموفقيات.
وذكر المدائني والواقدي أن معن بن عدي اتفق هو وعويم بن ساعدة على تحريض أبى بكر وعمر على طلب الامر وصرفه عن الأنصار. قالا: وكان معن بن عدي يشخصهما إشخاصا ويسوقهما سوقا عنيفا إلى السقيفة، مبادرة إلى الامر قبل فواته.
* * * قال الزبير بن بكار: فلما بويع أبو بكر، أقبلت الجماعة التي بايعته تزفه زفا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان آخر النهار، افترقوا إلى منازلهم، فاجتمع قوم من الأنصار، وقوم من المهاجرين، فتعاتبوا فيما بينهم، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا معشر الأنصار، إنكم وإن كنتم أولى فضل ونصر وسابقة، ولكن ليس فيكم مثل أبى بكر ولا عمر ولا على ولا أبى عبيدة.