فلا تقذف بي الرجوين إني * أقل القوم من يغنى مكاني سأكفيك الذي استكفيت منى * بأمر لا تخالجه اليدان فلو أنا بمنزلة جرينا (1) * جريت وأنت مضطرب العنان ولولا أن أم أبيك أمي * وأن من قد هجاك فقد هجاني لقد جاهرت بالبغضاء إني * إلى أمر الجهالة والعلان.
ولما صار أمر الخلافة إلى معاوية، ولى مروان المدينة، ثم جمع له إلى المدينة مكة والطائف، ثم عزله وولى سعيد بن العاص، فلما مات يزيد بن معاوية، وولى ابنه أبو ليلى معاوية بن يزيد في سنة أربع وستين، عاش في الخلافة أربعين يوما ومات، فقالت له أمه أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس: اجعل الخلافة من بعدك لأخيك، فأبى وقال: لا يكون لي مرها ولكم حلوها، فوثب مروان عليها، وأنشد:
إني أرى فتنة تغلي مراجلها * والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا * * * وذكر أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب الأغاني (2): أن معاوية لما عزل مروان بن الحكم عن إمرة المدينة والحجاز، وولى مكانه سعيد بن العاص، وجه مروان أخاه عبد الرحمن بن الحكم أمامه إلى معاوية، وقال له: القه قبلي فعاتبه لي واستصلحه.
قال أبو الفرج: وقد روى أن عبد الرحمن كان بدمشق يومئذ، فلما بلغه خبر عزل مروان وقدومه إلى الشام، خرج وتلقاه، وقال له: أقم حتى أدخل إلى أخيك (3) فإن كان عزلك عن موجدة دخلت إليه منفردا، وإن كان عن غير موجدة دخلت إليه مع الناس