شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٩٠
فأوغرت صدورنا، وشتت أمورنا، وحملتنا على الجادة (١) التي كنا نرى أن سبيل مركبها النار. فقال علي عليه السلام: ﴿وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ (٢)، يا أخا نهد، وهل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله، فأقمنا عليه حدا كان كفارته!
إن الله تعالى يقول: ﴿ولا يجرمنكم شنان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾ (3) قال: فخرج طارق من عنده، فلقيه الأشتر، فقال: يا طارق، أنت القائل لأمير المؤمنين: (أوغرت صدورنا، وشتت أمورنا)؟ قال طارق: نعم، أنا قائلها قال: والله ما ذاك كما قلت، إن صدورنا له لسامعة، وإن أمورنا له لجامعة. فغضب طارق وقال: ستعلم يا أشتر أنه غير ما قلت، فلما جنه الليل همس (4) هو والنجاشي إلى معاوية، فلما قدما عليه، دخل آذنه فأخبره بقدومهما، وعنده وجوه أهل الشام، منهم عمرو بن مرة الجهني وعمرو بن صيفي وغيرهما، فلما دخلا نظر إلى طارق، وقال: مرحبا بالمورق غصنه، والمعرق أصله، المسود غير المسود، من رجل كانت منه هفوة ونبوة، باتباعه صاحب الفتنة، ورأس الضلالة والشبهة، الذي اغترز في ركاب الفتنة حتى استوى على رجلها، ثم أوجف في عشوة ظلمتها وتيه ضلالتها، واتبعه رجرجة (5) من الناس، وأشابة (6) من الحثالة لا أفئدة لهم: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (7).
فقام طارق، فقال: يا معاوية إني متكلم فلا يسخطك، ثم قال: وهو متكئ على سيفه: إن المحمود على كل حال رب علا فوق عباده، فهم منه بمنظر ومسمع، بعث فيهم

(١) الجادة: معظم الطريق، وأوسطه.
(٢) سورة البقرة ٤٥.
(٣) سورة المائدة ٨.
(4) الهمس: السير بالليل (5) الرجرجة: الجماعة الكثيرة من الناس (6) الأشابة: أخلاط الناس (7) سورة محمد 24
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232