شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٨٨
حدث ابن الكلبي عن عوانة، قال: (1) خرج النجاشي في أول يوم من شهر رمضان، فمر بأبي سمال الأسدي، وهو قاعد بفناء داره، فقال له: أين تريد؟ قال: أردت الكناسة، فقال: هل لك في رؤوس وأليات قد وضعت في التنور من أول الليل، فأصبحت قد أينعت وقد تهرأت؟ قال: ويحك! في أول يوم من رمضان! قال: دعنا مما لا نعرف، قال:
ثم مه، قال: أسقيك من شراب كالورس، يطيب النفس، ويجرى في العرق، ويزيد في الطرق، يهضم الطعام، ويسهل للفدم (2) الكلام، فنزل، فتغديا، ثم أتاه بنبيذ فشرباه، فلما كان آخر النهار علت أصواتهما، ولهما جار من شيعة علي عليه السلام، فأتاه فأخبره بقصتهما، فأرسل إليهما قوما فأحاطوا بالدار، فأما أبو سمال فوثب إلى دور بنى أسد فأفلت، وأخذ النجاشي فأتى عليه السلام به، فلما أصبح أقامه في سراويل، فضربه ثمانين، ثم زاده عشرين سوطا، فقال: يا أمير المؤمنين، أما الحد فقد عرفته، فما هذه العلاوة (3)؟ قال: لجرأتك على الله، وإفطارك في شهر رمضان. ثم أقامه في سراويله للناس، فجعل الصبيان يصيحون به: خرى النجاشي، خرى النجاشي! وجعل يقول:
كلا إنها يمانية وكاؤها شعر.
قال: ومر به هند بن عاصم السلولي، فطرح عليه مطرفا، فجعل الناس يمرون به ويطرحون عليه المطارف، حتى اجتمعت عليه مطارف كثيرة، فمدح بنى سلول فقال:
إذا الله حيا صالحا من عباده * تقيا فحيا الله هند بن عاصم وكل سلولي إذا ما دعوته * سريع إلى داعي العلا والمكارم هم البيض أقداما وديباج أوجه * جلوها إذا اسودت وجوه الملائم ولا يأكل الكلب السروق نعالهم * ولا يبتغى المخ الذي في الجماجم

(1) الخبر في الشعر والشعراء 289 والخزانة 4: 368 (2) الفدم: الغبي.
(3) العلاوة، بالكسر: كل ما زاد عن الشئ
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232