وتصلحوا ذات بينكم، فمهلا مهلا! رحمكم الله، استمعوا لهذا الكتاب، وأطيعوا الذي يقرأ عليكم.
ففضوا كتاب معاوية وإذا فيه: من عبد الله معاوية أمير المؤمنين، إلى من قرئ كتاب هذا عليه من المؤمنين والمسلمين من أهل البصرة.
سلام عليكم. أما بعد، فإن سفك الدماء بغير حلها، وقتل النفوس التي حرم الله قتلها هلاك موبق، وخسران مبين، لا يقبل الله ممن سفكها صرفا ولا عدلا، وقد رأيتم رحمكم الله آثار ابن عفان وسيرته، وحبه للعافية، ومعدلته، وسده للثغور، وإعطاءه في الحقوق، وإنصافه للمظلوم، وحبه الضعيف، حتى توثب عليه المتوثبون، وتظاهر عليه الظالمون، فقتلوه مسلما محرما، ظمآن صائما، لم يسفك فيهم دما، ولم يقتل منهم أحدا ولا يطلبونه بضربة سيف ولا سوط، وإنما ندعوكم أيها المسلمون إلى الطلب بدمه، وإلى قتال من قتله، فإنا وإياكم على أمر هدى واضح، وسبيل مستقيم. إنكم إن جامعتمونا طفئت النائرة، واجتمعت الكلمة، واستقام أمر هذه الأمة، وأقر الظالمون المتوثبون الذين قتلوا إمامهم بغير حق، فأخذوا بجرائرهم وما قدمت أيديهم. إن لكم أن أعمل فيكم بالكتاب، وأن أعطيكم في السنة عطائين، ولا أحتمل فضلا من فيئكم عنكم أبدا.
فسارعوا إلى ما تدعون إليه رحمكم الله! وقد بعثت إليكم رجلا من الصالحين، كان من أمناء خليفتكم المظلوم ابن عفان وعماله وأعوانه على الهدى والحق، جعلنا الله وإياكم ممن يجيب إلى الحق ويعرفه، وينكر الباطل ويجحده، والسلام عليكم ورحمة الله.
قال: فلما قرئ عليهم الكتاب، قال معظمهم: سمعنا وأطعنا.
قال: وروى محمد بن عبد الله بن عثمان، عن علي، عن أبي زهير، عن أبي منقر الشيباني، قال: قال الأحنف لما قرئ عليهم كتاب معاوية: أما أنا فلا ناقة لي في هذا ولا جمل. واعتزل أمرهم ذلك.