سرا، ثم ظهر لقتيبة أمره، فأرسل إليه يدعوه، فوجده قد طلا رجله بمغرة (1) وعلق في عنقه خرزا، وعنده رجلان يرقيان رجله، فقال للرسول: قد ترى ما برجلي! فرجع وأخبر قتيبة فأعاده إليه، فقال: قل له ليأتيني محمولا، قال: لا أستطيع. فقال قتيبة لصاحب شرطته: انطلق إلى وكيع فأتني به، فإن أبى فاضرب عنقه، وأتني برأسه، ووجه معه خيلا. فقال وكيع لصاحب الشرطة: البث قليلا تلحق الكتائب، وقام فلبس سلاحه، ونادى في الناس فأتوه، فخرج فتلقاه رجل، فقال: ممن أنت؟ فقال: من بنى أسد، فقال: ما اسمك؟ فقال ضرغام، فقال: ابن من؟ قال: ابن ليث، فتيمن به وأعطاه رايته، وأتاه الناس أرسالا من كل وجه، فتقدم بهم، وهو يقول:
قوم إذا حمل مكروهة شد الشراسيف لها والحزيم (2) واجتمع إلى قتيبة أهله وثقاته، وأكثر العرب ألسنتهم له وقلوبهم عليه. فأمر قتيبة رجلا فنادى: أين بنو عامر؟ وقد كان قتيبة جفاهم في أيام سلطانه - فقال له مجفر (3) ابن جزء الكلابي: نادهم حيث وضعتهم، فقال قتيبة: أنشدكم الله والرحم - وذاك لان باهلة وعامرا من قيس عيلان - فقال مجفر: أنت قطعتها، قال: فلكم العتبى، فقال مجفر:
لا أقالنا الله إذا، فقال قتيبة:
يا نفس صبرا على ما كان من ألم إذ لم أجد لفضول العيش أقرانا ثم دعا (4) ببرذون له مدرب (5) ليركبه، فجعل يمنعه الركوب حتى أعيا. فلما رأى ذلك