وسنذكر تمام هذا الكتاب وأوله عند انتهائنا إلى كتب على ع.
وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن أبي المنذر وهشام بن محمد بن السائب عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: كان بين العباس وعلي مباعدة، فلقي ابن عباس عليا، فقال: إن كان لك في النظر إلى عمك حاجه فأته، وما أراك تلقاه بعدها، فوجم (1) لها وقال: تقدمني واستأذن، فتقدمته واستأذنت له، فأذن فدخل، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه، وأقبل علي ع على يده ورجله يقبلهما، ويقول:
يا عم، إرض عني رضي الله عنك، قال: قد رضيت عنك.
ثم قال: يا بن أخي، قد أشرت عليك بأشياء ثلاثة فلم تقبل، ورأيت في عاقبتها ما كرهت، وها أنا ذا أشير عليك برأي رابع، فإن قبلته، وإلا نالك ما نالك مما كان قبله. قال:
وما ذاك يا عم؟ قال: أشرت عليك في مرض رسول الله ص أن تسأله، فإن كان الامر فينا أعطاناه، وإن كان في غيرنا أوصى بنا. فقلت: أخشى إن منعناه لا يعطيناه أحد بعده (1)، فمضت تلك. فلما قبض رسول الله ص، أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى أن نبايعك، وقلت لك: إبسط يدك أبايعك ويبايعك هذا الشيخ، فإنا إن بايعناك لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف، وإذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك أحد (2) من قريش، وإذا بايعتك قريش لم يختلف عليك أحد من العرب، فقلت: لنا بجهاز رسول الله ص شغل، وهذا الامر فليس نخشى عليه، فلم نلبث أن سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعده، فقلت: يا عم، ما هذا؟ قلت: ما دعوناك إليه، فأبيت! قلت:
سبحان الله! أو يكون هذا! قلت: نعم. قلت: أفلا يرد؟ قلت لك: وهل رد مثل هذا قط! ثم أشرت عليك حين طعن عمر فقلت: لا تدخل نفسك في الشورى، فإنك إن اعتزلتهم قدموك، وإن ساويتهم تقدموك، فدخلت معهم، فكان ما رأيت.