فلما قدم الكتاب على عمرو استشار ابنيه: عبد الله بن عمرو، ومحمد بن عمرو، فقال لهما: ما تريان؟ فقال عبد الله: أرى أن رسول الله ص قبض وهو عنك راض، والخليفتان من بعده، وقتل عثمان وأنت عنه غائب، فقر في منزلك، فلست مجعولا خليفة، ولا تزيد على (1) أن تكون حاشية لمعاوية على دنيا قليله أوشكتما أن تهلكا، فتستويا (2) في عقابها. وقال محمد: أرى أنك شيخ قريش، وصاحب أمرها، وإن تصرم هذا الامر وأنت فيه غافل (3)، تصاغر أمرك، فالحق بجماعة أهل الشام، وكن يدا من أيديها، طالبا بدم عثمان، فإنه سيقوم بذلك بنو أمية (4).
فقال عمرو: أما أنت يا عبد الله، فأمرتني بما هو خير لي في ديني، وأنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي، وأنا ناظر، فلما جنه الليل رفع صوته وأهله يسمعون (5)، فقال: تطاول ليلي بالهموم الطوارق * وخوف التي تجلو وجوه العوائق (6) وإن ابن هند سألني أن أزوره * وتلك التي فيها بنات البوائق (7) أتاه جرير من علي بخطة * أمرت عليه العيش ذات مضائق فإن نال مني ما يؤمل رده * وإن لم ينله ذل ذل المطابق (8) فوالله ما أدري وما كنت هكذا * أكون ومهما قادني فهو سابقي أخادعه إن الخداع دنية * أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق