عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون!
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر، قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء، قلتم: هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر!
يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أنى لم أركم ولم أعرفكم معرفة - والله - جرت ندما وأعقبت سدما. قاتلكم الله! لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب. لله أبوهم! وهل أحد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها مقاما، مني! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وها أنا ذا قد ذرفت على الستين! ولكن لا رأي لمن لا يطاع!
* * * الشرح هذه الخطبة من مشاهير خطبه ع، قد ذكرها كثير من الناس، ورواها أبو العباس المبرد في أول " الكامل "، (1) وأسقط من هذه الرواية ألفاظا وزاد فيها ألفاظا، وقال في أولها:
" إنه انتهى إلى علي ع أن خيلا وردت الأنبار لمعاوية فقتلوا عاملا له