خيرا) (1)، إنه قد أتاك في طلب البيعة خير أهل العراق، ومن عند خير الناس في أنفس الناس ودعواك أهل الشام إلى رد هذه البيعة خطر شديد، ورأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندي وهو عدو لجرير المرسل إليك، فابعث إليه ووطن له ثقاتك فليفشوا في الناس أن عليا قتل عثمان، وليكونوا أهل رضا عند شرحبيل فإنها كلمة جامعة لك أهل الشام على ما تحب وإن تعلقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشئ أبدا.
فكتب إلى شرحبيل: إن جرير بن عبد الله قدم علينا من عند علي بن أبي طالب بأمر مفظع، فاقدم.
ودعا معاوية يزيد بن أسد، وبسر بن أرطاة، وعمرو بن سفيان، ومخارق بن الحارث الزبيدي، وحمزة بن مالك، وحابس بن سعد الطائي، وهؤلاء رؤوس قحطان واليمن وكانوا ثقات معاوية وخاصته وبني عم شرحبيل بن السمط فأمرهم أن يلقوه ويخبروه أن عليا قتل عثمان، فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه فقام إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي وهو صاحب معاذ بن جبل وختنه وكان أفقه أهل الشام فقال: يا شرحبيل بن السمط، إن الله لم يزل يزيدك خيرا منذ هاجرت إلى اليوم وإنه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. إنه قد ألقي إلى معاوية أن عليا قتل عثمان (2) ولهذا يريدك فإن كان قتله فقد بايعه المهاجرون والأنصار وهم الحكام على الناس وإن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه! لا تهلكن نفسك وقومك، فإن كرهت أن يذهب بحظها جرير فسر إلى علي فبايعه عن (3) شامك وقومك. فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية فكتب إليه عياض الثمالي - وكان ناسكا: