يقال له حسان بن حسان، فخرج مغضبا يجر رداءه (1) حتى أتى النخيلة (2) واتبعه الناس فرقى رباوة (3) من الأرض، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه ص، ثم قال: أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله الذل وسيما الخسف ".
وقال في شرح ذلك: قوله: " وسيما الخسف "، هكذا حدثونا به وأظنه " سيم الخسف "، من قوله تعالى: " يسومونكم سوء العذاب " (4).
وقال: فإن نصرنا ما سمعناه، " فسيما الخسف " (5)، تأويله علامة الخسف، قال الله تعالى: " سيماهم في وجوههم " (6)، وقال: " يعرف المجرمون بسيماهم " (7) وسيما مقصور، وفي معناه " سيمياء " ممدود، قال الشاعر غلام رماه الله بالحسن يافعا * له سيمياء لا تشق على البصر.
ونحن نقول: إن السماع الذي حكاه أبو العباس غير مرضى والصحيح ما يتضمنه " نهج البلاغة " وهو " سيم الخسف " فعل ما لم يسم فاعله، و " الخسف " منصوب لأنه مفعول، وتأويله أولي الخسف وكلف إياه والخسف: الذل والمشقة.
وأيضا فإن في " نهج البلاغة " لا يمكن أن يكون إلا كما اخترناه، لأنه بين أفعال متعددة بنيت للمفعول به، وهي: " ديث " و " ضرب " و " أديل " و " منع "،