قال نصر فأنشأ عمرو يقول:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل * به منك دنيا فانظرن كيف تصنع فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة * أخذت بها شيخا يضر وينفع (1) وما الدين والدنيا سواء وإنني * لآخذ ما تعطي ورأسي مقنع ولكنني أغضي الجفون وإنني * لأخدع نفسي، والمخادع يخدع وأعطيك أمرا فيه للملك قوة * وألفي به إن زلت النعل أصرع (2) وتمنعني مصرا وليست برغبة * وإني بذا الممنوع قدما لمولع.
قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ: كانت مصر في نفس عمرو بن العاص، لأنه هو الذي فتحها في سنة تسع عشرة من الهجرة في خلافة عمر، فكان لعظمها في نفسه وجلالتها في صدره، وما قد عرفه من أموالها وسعة الدنيا، لا يستعظم أن يجعلها ثمنا من دينه، وهذا معنى قوله:
* وإني بذا الممنوع قدما لمولع * قال نصر: فقال له معاوية: يا أبا عبد الله، أما تعلم أن مصر مثل العراق! قال: بلى، ولكنها إنما تكون لي إذا كانت لك، وإنما تكون لك إذا غلبت عليا على العراق.
قال: وقد كان أهل مصر بعثوا بطاعتهم إلى علي ع.
فلما حضر عتبة بن أبي سفيان قال لمعاوية: أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر