ابن عوف، قال: دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه، فسلمت، وسألته:
كيف به؟ فاستوى جالسا، فقلت: لقد أصبحت بحمد الله بارئا، فقال: أما إني على ما ترى لوجع، وجعلتم لي معشر المهاجرين شغلا مع وجعي، وجعلت لكم عهدا مني من بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم (1) لذلك أنفه رجاء أن يكون الامر له، ورأيتم الدنيا قد أقبلت، والله لتتخذن ستور الحرير ونضائد الديباج (2)، وتألمون ضجائع الصوف الأذربي (3)، كأن أحدكم على حسك (4) السعدان. والله لان يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة لدنيا، وإنكم غدا لأول ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا وشمالا، يا هادي الطريق، إنما هو البجر أو الفجر (5). فقال له عبد الرحمن: لا تكثر على ما بك فيهيضك (6)، والله ما أردت إلا خيرا (7)، وإن صاحبك لذو خير، وما الناس إلا رجلان: رجل رأى ما رأيت، فلا خلاف عليك منه، ورجل رأى غير ذلك، وإنما يشير عليك برأيه. فسكن وسكت هنيهة. فقال عبد الرحمن: ما أرى بك بأسا والحمد لله، فلا تأس على الدنيا، فوالله إن علمناك إلا صالحا مصلحا. فقال: أما إني لا آسى إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله ص عنهن:
فأما الثلاث التي فعلتها ووددت أني لم أكن فعلتها، فوددت أني لم أكن كشفت