فاما قوله: (فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه) فالمراد من عاد إلى أن يبايع من غير مشاورة ولا عدد يثبت صحة البيعة به، ولا ضرورة داعية إلى البيعة ثم بسط يده على المسلمين يدخلهم في البيعة قهرا فاقتلوه (1).
قال قاضى القضاة رحمه الله تعالى: وهل يشك أحد في تعظيم عمر لأبي بكر وطاعته إياه ومعلوم ضرورة من حال عمر إعظامه له، والقول بإمامته والرضا بالبيعة والثناء عليه، فكيف يجوز ان يترك ما يعلم ضرورة، لقول محتمل ذي وجوه وتأويلات! وكيف يجوز أن تحمل هذه اللفظة من عمر على الذم والتخطئة وسوء القول!
واعلم أن هذه اللفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينة وجفاء الطبيعة: ولا حيلة له فيها، لأنه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها، ولا ريب عندنا أنه كان يتعاطى أن يتلطف، وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة، فينزع به الطبع الجاسي، والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللفظات، ولا يقصد بها سوءا، ولا يريد بها ذما ولا تخطئة، كما قدمنا من قبل في اللفظة (2) التي قالها في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله، وكاللفظات (3) التي قالها عام الحديبية وغير ذلك والله تعالى لا يجازى المكلف الا بما نواه، ولقد كانت نيته من أطهر النيات وأخلصها لله سبحانه وللمسلمين.
ومن أنصف علم أن هذا الكلام حق، وانه يغنى عن تأويل شيخنا لابن أبي على.
ونحن من بعد نذكر ما قاله المرتضى رحمه الله تعالى في كتاب،، الشافي،، (4) لما تكلم في هذا الموضع، قال: أما ما ادعى من العلم الضروري برضا عمر ببيعة لابن أبي بكر وإمامته فالمعلوم ضرورة بلا شبهة أنه كان راضيا بإمامته، وليس كل من رضى شيئا