فقال سعيد: قد والله قاتلت، ولكن ابن عباس خذلني وأبى ان يقاتل، ولقد خلوت به حين دنا منا بسر، فقلت ان ابن عمك لا يرضى منى ومنك بدون الجد في قتالهم، قال:
لا والله ما لنا بهم طاقة ولا يدان، فقمت في الناس، فحمدت الله ثم قلت: يا أهل اليمن من كان في طاعتنا وعلى بيعة أمير المؤمنين عليه السلام فإلى إلى. فأجابني منهم عصابة، فاستقدمت بهم، فقاتلت قتالا ضعيفا، وتفرق الناس عنى وانصرفت.
قال: ثم خرج بسر من صنعاء، فأتى أهل جيشان (1). - وهم شيعة - لعلي عليه السلام، فقاتلهم وقاتلوه فهزمهم وقتلهم قتلا ذريعا، ثم رجع إلى صنعاء، فقتل بها مائة شيخ من أبناء فارس، لان ابني عبيد الله بن العباس كانا مستترين في بيت امرأة من أبنائهم، تعرف بابنه بزرج.
وقال الكلبي وأبو مخنف، فندب علي عليه السلام أصحابه لبعث سرية في أثر بسر، فتثاقلوا، وأجابه جارية بن قدامة السعدي، فبعثه في الفين، فشخص إلى البصرة، ثم اخذ طريق الحجاز حتى قدم اليمن، وسال عن بسر فقيل: اخذ في بلاد بنى تميم، فقال:
اخذ في ديار قوم يمنعون أنفسهم. وبلغ بسرا مسير جارية، فانحدر إلى اليمامة، واخذ جاريه بن قدامة السير، ما يلتفت إلى مدينة مر بها ولا أهل حصن، ولا يعرج على شئ الا ان يرمل (2) بعض أصحابه من الزاد، فيأمر أصحابه بمواساته أو يسقط بعير رجل، أو تحفى دابته، فيأمر أصحابه بان يعقبوه، حتى انتهوا إلى ارض اليمن، فهربت شيعة عثمان حتى لحقوا بالجبال، واتبعهم شيعة علي عليه السلام، وتداعت عليهم من كل جانب، وأصابوا منهم، وصمد (3) نحو بسر، وبسر بين يديه يفر من جهة إلى جهة أخرى، حتى أخرجه من اعمال علي عليه السلام كلها.
فلما فعل به ذلك، أقام جارية بحرس نحوا من شهر، حتى استراح وأراح أصحابه، ووثب الناس ببسر في طريقه لما انصرف من بين يدي جارية، لسوء سيرته وفظاظته وظلمه وغشمه، وأصاب بنو تميم ثقلا من ثقله في بلاده. وصحبه إلى معاوية ليبايعه على الطاعة ابن مجاعة