شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ٢١٠
أيها الناس، قد بلغ بكم الامر وبعدوكم ما قد رأيتم، ولم يبق منهم إلا آخر نفس، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها، وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغنا منهم ما بلغنا، وأنا غاد عليهم بالغداة أحاكمهم إلى الله.
قال: فبلغ ذلك معاوية، فدعا عمرو بن العاص، وقال: يا عمرو، إنما هي الليلة، حتى يغدو علي علينا بالفيصل (1)، فما ترى؟
قال: إن رجالك لا يقومون لرجاله، ولست مثله، هو يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره، أنت تريد البقاء، وهو يريد الفناء، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم، وأهل الشام لا يخافون عليا إن ظفر بهم، ولكن ألق إلى القوم أمرا إن قبلوه اختلفوا، وإن ردوه اختلفوا، ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم، فإنك بالغ به حاجتك في القوم، وإني لم أزل أؤخر هذا الامر لوقت حاجتك إليه.
فعرف معاوية ذلك وقال له: صدقت.
* * * قال نصر: وحدثنا عمرو بن شمر عن جابر بن عمير (3) الأنصاري، قال: والله لكأني أسمع عليا يوم الهرير، وذلك بعد ما طحنت رحا مذحج، فيما بينها وبين عك ولخم وجذام والأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي، حتى (4 استقلت الشمس، وقام قائم الظهر 4)، وعلي عليه السلام يقول لأصحابه: حتى متى نخلي بين هذين الحيين!
قد فنيا وأنتم وقوف تنظرون! أما تخافون مقت الله! ثم انفتل (5) إلى القبلة، ورفع

(١) ب: " بالفصل "، وما أثبته من أ، ج.
(٢) وقعة صفين 545.
(3) في الأصول: " نمير "، وصوابه من كتاب صفين.
(4 - 4) صفين: " من حين استقلت الشمس حتى قام قائم الظهيرة " واستقلت الشمس: ارتفعت. (5) ب: " استقبل "، والصواب ما أثبته من أ، ج.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن 3
2 26 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها العرب بما كانوا عليه قبل البعثة وشكواه من انفراده بعدها وذمه لمن بايع بشرط 19
3 حديث السقيفة 21
4 أمر عمرو بن العاص 61
5 27 - من خطبة له عليه السلام في الحث على الجهاد وذم المتقاعدين 74
6 استطراد بذكر كلام لابن نباتة في الجهاد 80
7 غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار 85
8 28 - ومن خطبة له عليه السلام في إدبار الدنيا وإقبال الآخرة والحث على التزود لها 91
9 نبذ من أقوال الصالحين والحكماء 93
10 استطراد بلاغي في الكلام على المقابلة 103
11 29 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتخاذلين 111
12 غارة الضحاك بن قيس ونتف من أخباره 113
13 30 - من خطبة له عليه السلام في معني قتل عثمان رضي الله عنه 126
14 اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله 129
15 31 - من كلام له عليه السلام لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته 162
16 من أخبار الزبير وابنه عبد الله 166
17 استطراد بلاغي في الكلام على الاستدراج 170
18 32 - من خطبة له عليه السلام في ذم الدهر وحال الناس فيه 174
19 فصل في ذكر الآيات والأخبار الواردة في ذم الرياء والشهرة 178
20 فصل في مدح الخمول والجنوح إلى العزلة 182
21 33 - ومن خطبة له عليه السلام عند مسيره لقتال أهل البصرة 185
22 من أخبار يوم ذي قار 187
23 34 - من خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام 189
24 أمر الناس بعد وقعة النهروان 193
25 مناقب علي وذكر طرف من أخباره في عدله وزهده 197
26 35 - من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم 204
27 قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج 206
28 36 - ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان 265
29 أخبار الخوارج 265
30 37 - ومن كلام له عليه السلام يجرى مجرى الخطبة يذكر ثباته في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 284
31 الأخبار الواردة عن معرفة الإمام على بالأمور الغيبية 286
32 38 - من خطبة له عليه السلام في معني الشبهة 298
33 39 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتقاعدين عن القتال 300
34 أمر النعمان بن بشير مع علي ومالك الأرحبي 301
35 40 - ومن كلام له عليه السلام للخوارج لما سمع قولهم: " لا حكم إلا لله " 307
36 اختلاف الرأي في القول بوجوب الإمامة 310
37 من أخبار الخوارج أيضا 310
38 41 - ومن خطبة له عليه السلام في مدح الوفاء وذم الغدر 312
39 42 - ومن خطبة له عليه السلام يحذر فيها اتباع الهوى وطول الأمل 318
40 43 - ومن خطبة له عليه السلام وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله إلى معاوية بجرير بن عبد الله البجلي 322
41 ذكر ما أورد القاضي عبد الجبار من دفع ما تعلق به الناس على عثمان من الأحداث 324
42 رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان. 328