قال الرشيد (1) للفضيل بن عياض: ما أزهدك! قال: أنت يا هارون أزهد مني، لأني زهدت في دنيا فانية، وزهدت في آخرة باقية.
وقال الفضيل: يا ربي، إني لأستحي أن أقول: توكلت عليك، لو توكلت عليك ما خفت إلا منك، ولا رجوت إلا إياك.
عوتب بعض الزهاد على كثرة التصدق بماله، فقال: لو أراد رجل أن ينتقل من دار إلى دار، ما أظنه كان يترك في الدار الأولى شيئا!
قال بعض الملوك لبعض الزهاد: ما لك لا تغشى بابي، وأنت عبدي! قال: لو علمت أيها الملك، لعلمت أنك عبد عبدي، لأني أملك الهوى، والهوى يملكك.
دخل متظلم على سليمان بن عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين، أذكر يوم الاذان، قال: وما يوم الاذان؟ قال: اليوم الذي قال تعالى فيه: " فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين " (2)، فبكى سليمان وأزال ظلامته.
سئل الفضيل بن عياض عن الزهد، فقال: يجمعه حرفان في كتاب الله: " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " (3).
كتب يحيى بن خالد من الحبس إلى الرشيد: ما يمر يوم من نعيمك إلا ويمر يوم من بؤسي، وكلاهما إلى نفاد.
قيل لحاتم الأصم: علام بنيت أمرك؟ قال: على أربع خصال: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فلم أهتم به، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتيني بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني بعين الله في كل حال فاستحييت منه.