ورد ذكر توبتهم في كتاب ربنا التواب الرحيم، وسنة نبينا محمد عليه أفضل السلاة وأتم التسليم، كما ذكر توبة بعض ملوك الأمم الماضية والقرون الحالية وبعض أتباع الأنبياء المتقدمين، من بني إسرائيل قبل البعثة المحمدية، ثم من تاب من أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وغير واحد من ملوك هذه الأمة وسلاطينها وأمرائها حتى زمنه، ممن تاب من اعتقاد فاسد، أو مذهب غير صحيح، أو اقلع عن الوقيعة في الناس، وشرب الخمر، وارتكاب الفواحش، وعمل السحر، والتأنث والتخنث، والزنا، وغير ذلك مما يجرى في كل عص ومصر وزمان ومكان.
وحتم الكتاب بأخبار بعض أهل الكتاب الذين اعتنقوا الاسلام وآمنوا بدعوة محمد عليه الصلاة والسلام. وقد استمد رحمه الله اخبار كتاب هذا مما قصه الله تعالى علينا في كتابه المبين، ومما تحدث به نبينا الكريم، مما هو مدون في الصحاح والسنن والمسانيد، كما اعتمد بعض الكتب التي تعنى بالرقائق والوعظ، مثل مصنفات الحافظ ابن أبي الدنيا المتوفى سنة (281 ه) وتنبيه الغافلين للامام أبي الليث السمرقندي المتوفي سنة (373 ه) وملتقط الحكايات للإمام ابن الحوزي المتوفي سنة (579 ه) وما سمعه من أستاذه المشهود له بالفضل والعلم والمعرفة الشيخ عبد القادر الجيلاني المتوفي سنة (561 ه) فكان هذا الكتاب أوفى وأوسع وأجمع من الكتب التي سبقته في موضوعه.
وغير خاف أن طريقة العرض التي اختارها المؤلف لسرد الاخبار في كتابه هذا مشوقة محببة، تحكيها صورة جذابة، وتشرحها جمل سهلة مألوفة، يجني القاري منها العبرة والفائدة في لطف ويسر واشتياق.
ولا شك ان مطالعته بحرارة وشوق توقظ في الانسان التقوى التي