قراءة فهم وتدقيق، لأنه كان يحفظه في دمشق، ثم توفي الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله، فلازم الشيخ ناصح الاسلام أبا الفتح ابن المني، وقرأ عليه المذهب والخلاف، ولبث في بغداد أربع سنين، وسمع بها أيضا من هبة الله بن الدقاق وغيره، ثم رجع إلى دمشق فأقام في أهله مدة وعاد إلى بغداد سنة (567 ه) فأمضى سنة أخرى سمع فيها من أبي الفتح ابن المني، ورجع إلى دمشق، ثم قام بأداء فريضة الحج سنة (574 ه) ثم عاد إلى دمشق وبدا يصنف كتابه المغني شرح مختصر الحرقي في الفقه وهو من أعظم الكتب المؤلفة في الفقه الاسلامي عامة، وفي فقه مذهب الإمام أحمد خاصة، ولقد قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام فيه: لم تطب لي الفشيا حتى كانت عندي نسخة من المغني.
وكان طلبة العلم يتلقون عليه الدروس في الحديث والفقه وغير ذلك من العلوم، وقد تفقه عليه خلق كثير، منهم ابن أخيه قاضي القضاة شمس الدين بن أبي عمر وطبقته.
وكان إلى ذلك يواصل التاليف والتصنيف في أنواع شتى من الفنون، لا سيما الفقه الذي حذفه وصنف فيه العديد من الكتب التي تشهد بعلو كعبه فيه، حتى أصبح علما يشار اليه بالبنان، وتتحدث بفضائل ومناقبه وعلومه الركبان.
قال الشيخ الاسلام ابن تيمية: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الموفق.
وقال ابن الصلاح: ما رأيت مثل الموفق.
وقال سبط بن الجوزي: من رأى الموفق فكأنما رأى بعض الصحابة وكان النور يخرج من وجهه.