أحق برفعة الثمن؟ قال: التي وصفت. قال: فإنها الموجودة الثمن القريبة المخطب. قال: فما ثمنها رحمك الله؟ قال: اليسير المبذول، أن تفرغ ليلك فتصلي ركعتين تخلصهما لربك، وأن يوضع طعامك فتذكر جائعك فتؤثر الله على شهوتك، وأن ترفع عن الطريق حجرا أو قذرا، وأن تقطع أيامك بالبلغة وترفع همتك عن دار الغفلة، فتعيش في الدنيا بعز القنوع، وتأتي غدا إلى موقف الكرامة آمنا، وتنزل غدا في الجنة مخلدا.
فقال الرجل: يا جارية! أسمعت ما قال شيخنا هذا؟ قالت: نعم.
قال: أفصدق أحمد أم كذب؟ قالت: بل صدق وبر ونصح. قال: فأنت إذا حرة لوجه الله، وضيعة كذا وكذا صدقة عليك، وأنتم أيها الخدام أحرار، وضيعة كذا وكذا لكم، وهذه الدار بما فيها صدقة مع جميع مالي في سبيل الله. ثم مد يده إلى ستر خشن كان على بعض أبوابه فاجتذبه، وخلع جميع ما كان عليه واستتر به.
قالت الجارية: لا عيش لي بعدك يا مولاي! فرمت بكسوتها ولبست ثوبا خشنا وخرجت معه. فودعهما بعد مالك ودعا لهما، وأخذ طريقا وأخذا غيره. فتعبدا جميعا حتى جاء الموت فنقلهما على حال العبادة - رحمة الله عليهما.