رآها مالك، نادى: أيتها الجارية! أيبيعك مولاك؟ قالت: كيف قلت يا شيخ؟ قال: أيبيعك مولاك؟ قالت: ولو باعني كان مثلك يشتريني؟ قال: نعم، وخيرا منك. فضحكت وأمرت أن يحمل إلى دارها، فحمل، فدخلت إلى مولاها فأخبرته. فضحك وأمر أن يدخل إليه. فدخل، فألقيت له الهيبة في قلب السيد، فقال:
ما حاجتك؟ قال: بعني جاريتك، قال: أو تطيق أداء ثمنها؟ قال:
فثمنها عندي نواتان مسوستان. وفي فضحكوا، وقالوا: كيف كان ثمنها عندك هذا؟ قال: لكثرة عيوبها. قالوا: وما عيوبها؟ قال: إن لم تتعطر زفرت، وإن لم تستك بخرت، وإن لم تمتشط وتدهن قملت وشعثت، وإن تعمر عن قليل هرمت، ذات حيض وبول وأقذار جمة، ولعلها لا تودك إلا لنفسها، ولا تحبك إلا لشغفها كل بك، لا تفي بعهدك، ولا تصدق في ودك، ولا يخلف عليها أحد من بعدك إلا رأته مثلك; وأنا آخذ بدون ما سألت في جاريتك من الثمن جارية خلقت من سلالة الكافور، لو مزج بريقها أجاج لطاب، ولو دعي بكلامها ميت لأجاب، ولو بدا معصمها للشمس لأظلمت دونه، ولو بدا في الليل لسطع نوره، ولو واجهت الآفاق بحليها وحللها لتزخرفت، نشأت بين رياض المسك والزعفران، وقصرت في أكنان النعيم، وغذيت بماء التسنيم، فلا تخلف عهدها، ولا يتبدل منه ودها; فأيهما