آية في كتاب الله - ما أسأله إلا ليشبعني - فمر ولم يفعل، فمر عمر رضي الله عنه فكذلك حتى مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي من الجوع. ثم قال: يا أبا هر - وفي رواية أبو هريرة -؟!.
قلت: لبيك يا رسول الله! قال: الحق، فدخلت معه البيت، فوجد لبنا في قدح فقال: " من أين لكم هذا؟ ". قيل: أرسل به إليك فلان، فقال: يا أبا هريرة! انطلق إلى أهل الصفة فادعهم - وكان أهل الصفة أضياف الإسلام - لا أهل ولا مال، إذا أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها شيئا وإذا جاءته هدية، أصاب منها وأشركهم فيها، فساءني إرساله إياي، فقلت:
كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، وما هذا اللبن في أهل الصفة! ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد، فأتيتهم، فاقبلوا مجيبين فلما جلسوا، قال:
" خذ يا أبا هريرة فأعطهم " فجعلت أعطي الرجل فيشرب حتى يروي، حتى أتيت على جميعهم، وناولته رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلي مبتسما، وقال:
" بقيت أنا وأنت قلت: صدقت يا رسول الله!
قال: " فاشرب فشربت، فقال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب فأشرب حتى قلت:
والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا،، فأخذ فشرب من الفضلة " (1).
وجاء في مسنده من مسند إسحاق (2): " كنت في أصحاب الصفة فبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرة عجوة فجعلنا نأكل السنين من الجوع... وأقول اقرن إني اقرنت ". ومعنى اقرن أي خذ حبتين فإني أخذت حبتين وكل ذلك من شدة