وقربناه نجيا وقال تعالى " نجيا " والله أعلم وأما فقه الحديث ففيه جواز مناجاة الرجل بحضرة الجماعة وإنما نهى عن ذلك بحضرة الواحد وفيه جواز الكلام بعد إقامة الصلاة لا سيما في الأمور المهمة ولكنه مكروه في غير المهم وفيه تقديم الأهم فالأهم من الأمور عند ازدحامها فإنه صلى الله عليه وسلم إنما ناجاه بعد الإقامة في امر مهم من أمور الدين مصلحته راجحة على تقديم الصلاة وفيه أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء وهذه هي المسألة المقصودة بهذا الباب وقد اختلف العلماء فيها على مذاهب أحدها أن النوم لا ينقض الوضوء على اي حال كان وهذا محكي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وأبي مجلز وحميد الأعرج وشعبة والمذهب الثاني أن النوم ينقض الوضوء بكل حال وهو مذهب الحسن البصري والمزني وأبي عبيد القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه وهو قول غريب للشافعي قال ابن المنذر وبه أقول قال وروي معناه عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم والمذهب الثالث أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بحال وهذا مذهب الزهري وربيعة الأوزاعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين عنه والمذهب الرابع أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوؤه سواء كان في الصلاة أو لم يكن وان نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول للشافعي غريب والمذهب الخامس أنه لا ينقض الا نوم الراكع والساجد روى هذا عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى والمذهب السادس أنه لا ينقض الا نوم الساجد وروي أيضا عن أحمد رضي الله عنه والمذهب السابع أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة وهو قول ضعيف للشافعي رحمه الله تعالى والمذهب الثامن أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض والا انتقض سواء قل أو كثر سواء كان في الصلاة أو خارجها وهذا مذهب الشافعي وعنده أن النوم ليس حدثا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح فإذا نام غير ممكن المقعدة غلب على الظن خروج الريح فجعل
(٧٣)