والقدر اجبار الله سبحانه وتعالى العبد وقهره على ما قدره وقضاه وليس الامر كما يتوهمونه وإنما معناه الاخبار عن تقدم علم الله سبحانه وتعالى بما يكون من اكتساب العبد وصدورها عن تقدير منه وخلق لها خيرها وشرها قال والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر يقال قدرت الشئ وقدرته بالتخفيف والتثقيل بمعنى واحد والقضاء في هذا معناه الخلق كقوله تعالى فقضاهن سبع سماوات في يومين أي خلقهن قلت وقد تظاهرت الأدلة القطعيات من الكتاب والسنة واجماع الصحابة وأهل الحل والعقد من السلف والخلف على اثبات قدر الله سبحانه وتعالى وقد أكثر العلماء من التصنيف فيه ومن أحسن المصنفات فيه وأكثرها فوائد كتاب الحافظ الفقيه أبى بكر البيهقي رضي الله عنه وقد قرر أئمتنا من المتكلمين ذلك أحسن تقرير بدلائلهم القطعية السمعية والعقلية والله أعلم قوله (فوفق لنا عبد الله بن عمر) هو بضم الواو وكسر الفاء المشددة قال صاحب التحرير معناه جعل وفقا لنا وهو من الموافقة التي هي كالالتحام يقال أتانا لتيفاق الهلال وميفاقه أي حين أهل لا قبله ولا بعده وهي لفظة تدل على صدق الاجتماع والالتئام وفى مسند أبى يعلى الموصلي فوافق لنا بزيادة ألف والموافقة المصادفة قوله (فاكتنفته أنا وصاحبي) يعنى صرنا في ناحيتيه ثم فسره فقال أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله وكنفا الطائر جناحاه وفى هذا تنبيه على أدب الجماعة في مشيهم مع فاضلهم وهو أنهم يكتنفونه ويحفون به قوله (فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلى) معناه يسكت ويفوضه إلى لاقدامي وجرأتي وبسطة لساني فقد جاء عنه في رواية لأني كنت أبسط لسانا قوله (ظهر قبلنا ناس يقرؤن القرآن ويتقفرون العلم) هو بتقديم القاف على الفاء ومعناه يطلبونه ويتتبعونه هذا هو المشهور وقيل معناه يجمعونه ورواه بعض شيوخ المغاربة من طريق ابن ماهان يتفقرون بتقديم الفاء وهو صحيح أيضا معناه يبحثون عن غامضه ويستخرجون خفيه وروى
(١٥٥)