كهمس وقد علم بما قدمناه في باب المعنعن أن العلماء اختلفوا في الاحتجاج بالمعنعن ولم يختلفوا في المتصل بحدثنا فأتى مسلم بالروايتين كما سمعتا ليعرف المتفق عليه من المختلف فيه وليكون راويا باللفظ الذي سمعه ولهذا نظائر في مسلم ستراها مع التنبيه عليها إن شاء الله تعالى وإن كان مثل هذا ظاهرا لمن له أدنى اعتناء بهذا الفن الا أنى أنبه عليه لغيرهم ولبعضهم ممن قد يغفل ولكلهم من جهة أخرى وهو أنه يسقط عنهم النظر وتحرير عبارة عن المقصود وهنا المقصود آخر وهو أن في رواية وكيع قال عن عبد الله بن بريدة وفى رواية معاذ قال عن ابن بريدة فلو أتى بأحد اللفظين حصل خلل فإنه ان قال ابن بريدة لم ندر ما اسمه وهل هو عبد الله هذا أو أخوه سليمان بن بريدة وان قال عبد الله بن بريدة كان كاذبا على معاذ فإنه ليس في روايته عبد الله والله أعلم وأما قوله في الرواية الأولى عن يحيى بن يعمر فلا يظهر لذكره أولا فائدة وعادة مسلم وغيره في مثل هذا أن لا يذكروا يحيى بن يعمر لأن الطريقين اجتمعتا في ابن بريدة ولفظهما عنه بصيغة واحدة الا أنى رأيت في بعض النسخ في الطريق الأولى عن يحيى فحسب وليس فيها ابن يعمر فان صح هذا فهو مزيل للانكار الذي ذكرناه فإنه يكون فيه فائدة كما قررناه في ابن بريدة والله أعلم ومن ذلك قوله حدثنا عبيد الله بن معاذ وهذا حديثه فهذه عادة لمسلم رحمه الله قد أكثر منها وقد استعملها غيره قليلا وهي مصرحة بما ذكرته من تحقيقه وورعه واحتياطه ومقصوده أن الراويين اتفقا في المعنى واختلفا في بعض الألفاظ وهذا لفظ فلان ولآخر بمعناه والله أعلم وأما قوله (ح) بعد يحيى ابن يعمر في الرواية الأولى فهي حاء التحويل من اسناد إلى اسناد فيقول القارئ إذا انتهى إليها ح قال وحدثنا فلان هذا هو المختار وقد قدمت في الفصول السابقة بيانها والخلاف فيها والله أعلم فهذا ما حضرني في الحال في التنبيه على دقائق هذا الاسناد وهو تنبيه على ما سواه وأرجو أن يتفطن به لما عداه ولا ينبغي للناظر في هذا الشرح أن يسأم من شئ من ذلك يجده مبسوطا واضحا فانى إنما أقصد بذلك إن شاء الله الكريم الايضاح والتيسير والنصيحة لمطالعه واعانته واغنائه من مراجعة غيره في بيانه وهذا مقصود الشروح فمن استطال شيئا من هذا وشبهه فهو بعيد من الاتقان مباعد للفلاح في هذا الشأن فليعز نفسه لسوء حاله وليرجع عما ارتكبه من قبيح فعاله ولا ينبغي لطالب التحقيق والتنقيح والاتقان والتدقيق أن يلتفت إلى كراهة أو سآمة ذوي البطالة وأصحاب الغباوة والمهانة والملالة بل
(١٥٢)