الأحوال وأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم ونحوهم فليسوا كذلك فهذا مما لا يمكن انكاره ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبى بكر الصديق رضي الله عنه لا يساويه تصديق آحاد الناس ولهذا قال البخاري في صحيحه قال ابن أبي مليكة أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنه على ايمان جبريل وميكائيل والله أعلم وأما اطلاق اسم الايمان على الاعمال فمتفق عليه عند أهل الحق ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تشهر قال الله تعالى كان الله ليضيع ايمانكم أجمعوا على أن المراد صلاتكم وأما الأحاديث فستمر بك في هذا الكتاب منها جمل مستكثرات والله أعلم واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون الا من اعتقد بقلبه دين الاسلام اعتقادا جازما خاليا من الشكوك ونطق بالشهادتين فان اقتصر على أحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلا الا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه لمعالجة المنية أو لغير ذلك فإنه يكون مؤمنا أما إذا أتى بالشهادتين فلا يشترط معهما أن يقول وأنا برئ من كل دين خالف الاسلام الا إذا كان من الكفار الذين يعتقدون اختصاص رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى العرب فإنه لا يحكم باسلامه الا بأن يتبرأ ومن أصحابنا أصحاب الشافعي رحمه الله من شرط أن يتبرأ مطلقا وليس بشئ أما إذا اقتصر على قوله لا إله إلا الله ولم يقل محمد رسول الله فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء أنه لا يكون مسلما ومن أصحابنا من قال يكون مسلما ويطالب بالشهادة الأخرى فان أبى جعل مرتدا ويحتج لهذا القول بقوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم وهذا محمول عند الجماهير على قول الشهادتين واستغنى بذكر إحداهما عن الأخرى لارتباطها وشهرتهما والله أعلم أما إذا أقر بوجوب الصلاة أو الصوم أو غيرهما من أركان الاسلام وهو على خلاف ملته التي كان عليها فهل يجعل بذلك مسلما فيه وجهان لأصحابنا فمن جعله مسلما قال كل ما يكفر المسلم بانكاره يصير الكافر بالاقرار به مسلما أما إذا أقر بالشهادتين بالعجمية وهو يحسن العربية فهل يجعل بذلك مسلما فيه وجهان لأصحابنا الصحيح منهما أنه يصير مسلما لوجود الاقرار وهذا الوجه هو الحق ولا يظهر للآخر وجه وقد بينت ذلك مستقصى في شرح المهذب والله أعلم واختلفا
(١٤٩)