وأفردها جماعة من السلف بالتصنيف واعتنى بها أئمة المحدثين وأصول الفقه وأول من بلغنا تصنيفه فيها الإمام الشافعي رحمه الله وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية في كتب أصول الفقه ونذكر هنا طرفا في بيان خبر الواحد والمذاهب فيه مختصرا قال العلماء الخبر ضربان متواتر وآحاد فالمتواتر ما نقله عدد لا يمكن مواطأتهم على الكذب عن مثلهم ويستوى طرفاه والوسط ويخبرون عن حسي لا مظنون ويحصل العلم بقولهم ثم المختار الذي عليه المحققون والأكثرون أن ذلك لا يضبط بعدد مخصوص ولا يشترط في المخبرين الاسلام ولا العدالة وفيه مذاهب أخرى ضعيفة وتفريعات معروفة مستقصاة في كتب الأصول وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر سواء كان الراوي له واحدا أو أكثر واختلف في حكمه فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل وذهبت القدرية والرافضة وبعض أهل الظاهر إلى أنه لا يجب العمل به ثم منهم من يقول منع من العمل به دليل العقل ومنهم من يقول منع دليل الشرع وذهبت طائفة إلى أنه يجب العمل به من جهة دليل العقل وقال الجبائي من المعتزلة لا يجب العمل الا بما رواه اثنان عن اثنين وقال غيره لا يجب العمل الا بما رواه أربعة عن أربعة وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنه يوجب العلم وقال بعضهم يوجب العلم الظاهر دون الباطن وذهب بعض المحدثين إلى أن الآحاد التي في صحيح البخاري أو صحيح مسلم
(١٣١)