تفيد العلم دون غيرها من الآحاد وقد قدمنا هذا القول وابطاله في الفصول وهذه الأقاويل كلها سوى قول الجمهور باطلة وابطال من قال لا حجة فيه ظاهر فلم تزل كتب النبي صلى الله عليه وسلم وآحاد رسله يعمل بها ويلزمهم النبي صلى الله عليه وسلم العمل بذلك واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بسنة وقضائهم به ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا به على خلافه وطلبهم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن هو عنده واحتجاجهم بذلك على من خالفهم وانقياد المخالف لذلك وهذا كله معروف لاشك في شئ منه والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه والله أعلم قال مسلم رحمه الله حكاية عن مخالفه (والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة) هذا الذي قاله هو المعروف من مذاهب المحدثين وهو قول الشافعي وجماعة من الفقهاء وذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر الفقهاء إلى جواز الاحتجاج بالمرسل وقد قدمنا في الفصول السابقة بيان أحكام المرسل واضحة وبسطناها بسطا شافيا وإن كان لفظه مختصرا وجيزا والله أعلم قوله (فان عزب عنى معرفة ذلك أوقفت الخبر) يقال عزب الشئ عنى بفتح الزاي ويعزب بكسر الزاي وضمها لغتان فصيحتان قرئ بهما في السبع والضم أشهر وأكثر ومعناه ذهب وقوله أوقفت الخبر
(١٣٢)