مختصره ان المعنعن عند أهل العلم محمول على الاتصال إذا ثبت التلاقي مع احتمال الارسال وكذا إذا أمكن التلاقي وهذا الذي صار إليه مسلم قد أنكره المحققون وقالوا هذا الذي صار إليه ضعيف والذي رده هو المختار الصحيح الذي عليه أئمة هذا الفن علي بن المديني والبخاري وغيرهما وقد زاد جماعة من المتأخرين على هذا فاشترط القابسي أن يكون قد أدركه ادراكا بينا وزاد أبو المظفر السمعاني الفقيه الشافعي فاشترط طول الصحبة بينهما وزاد أبو عمرو الداني المقرى فاشترط معرفته بالرواية عنه ودليل هذا المذهب المختار الذي ذهب إليه ابن المديني والبخاري وموافقوهما ان المعنعن عند ثبوت التلاقي إنما حمل على الاتصال لأن الظاهر ممن ليس بمدلس أنه لا يطلق ذلك الا على السماع ثم الاستقراء يدل عليه فان عادتهم أنهم لا يطلقون ذلك الا فيما سمعوه الا المدلس ولهذا رددنا رواية المدلس فإذا ثبت التلاقي غلب على الظن الاتصال والباب مبنى على غلبة الظن فاكتفينا به وليس هذا المعنى موجودا فيما إذا أمكن التلاقي ولم يثبت فإنه لا يغلب على الظن الاتصال فلا يجوز الحمل على الاتصال ويصير كالمجهول فان روايته مردودة لا للقطع بكذبه أو ضعفه بل للشك في حاله ولله أعلم هكذا حكم المعنعن من غير مدلس وأما المدلس فتقدم بيان حكمه في الفصول السابقة هذا كله تفريع على المذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه السلف والخلف من أصحاب الحديث والفقه والأصول أن المعنعن محمول على الاتصال بشرطه الذي قدمناه على الاختلاف فيه وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يحتج بالمعنعن مطلقا لاحتمال الانقطاع وهذا المذهب مردود باجماع السلف ودليلهم ما أشرنا إليه من حصول غلبة الظن مع الاستقراء والله أعلم هذا حكم المعنعن أما إذا قال حدثني فلان أن فلانا قال كقوله حدثني الزهري أن سعيد بن المسيب قال كذا أو حدث بكذا أو نحوه فالجمهور على أن لفظة أن كعن فيحمل على الاتصال بالشرط المتقدم وقال أحمد بن حنبل ويعقوب بن شيبة وأبو بكر البرديجي لا تحمل أن على الاتصال وان كانت عن للاتصال والصحيح الأول وكذا قال وحدث وذكر وشبهها فكله محمول على الاتصال والسماع قوله (لو ضربنا عن حكايته) كذا هو في الأصول ضربنا وهو صحيح وان كانت لغة قليلة
(١٢٨)