مقنطرة، ومعناه الاخبار عن مبدأ كون الأرواح وتقدمها الأجساد، أي انها خلقت أول خلقها من ايتلاف واختلاف، كالجنود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت، ومعنى تقابل الأرواح: ما جعلها الله عليه من السعادة والشقاوة، والأخلاق في مبدأ الخلق يقول: ان الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه، ولهذا ترى الخير يحب الأخيار ويميل إليهم والشرير يحب الأشرار ويميل إليهم.
وعن الشيخ المفيد المعنى فيه: ان الأرواح التي هي البسائط تتناظر بالجنس، وتتجادل بالعوارض، فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى إئتلف، وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف، وهذا موجود حسا ومشاهدة، وليس يعني بذلك ما تعارف منها في الذر أيتلف - كما يذهب إليه الحشوية - لما بيناه من أنه لا علم للانسان بحال كان يعلمها قبل ظهوره في هذا العالم. وفيه نظر.
أقول: وقريب مما افاده الطريحي ذكره ابن الأثير في النهاية، وابن منظور في لسان العرب.
وقال العلامة المجلسي (ره): قال الكرماني في شرح البخاري - في معنى الحديث -: أي خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسامها، فمن وافق الصفة ألفه، ومن باعد نافره.
وقال الخطابي: خلقت قبلها فكانت تلتقي، فلما التبست بها تعارفت بالذكر الأول، فصار كل إنما يعرف وينكر على ما سبق له من العهد.
وقال النووي (مجندة) أي جموع مجتمعة وأنواع مختلفة، وتعارفها لامر جعلها الله عليه. وقيل: موافقة صفاتها وتناسبها في شيمتها.
وقال الطيبي: الفاء في (فما تعارف) تدل على تقدم اشتباك في الأزل، ثم تفرق فيما لا يزال، أزمنة متطاولة، ثم ائتلاف بعد تناكر، كمن فقد